( في بعض الأحيان كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي أكثر من صلاة بوضوء واحد صح أم خطأ )
في بعض الأحيان كان النبي يصلي أكثر من صلاة بوضوء واحد
إنّ الصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام، وهي من العبادات المهمة التي فرضها الله -سبحانه وتعالى- على عباده، وقد وردت الكثير من الآيات والأحاديث التي تحث على أدائها بالشكل الصحيح وبالخشوع اللازم، وقد بيّن النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- في أقواله وأفعاله كيفية أداء الصلاة بالشكل الأمثل.
هل يجوز الجمع بين أكثر من صلاة بوضوء واحد؟
ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان أحيانًا يجمع بين أكثر من صلاة بوضوء واحد، كما ورد في حديث المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- .صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء بوضوء واحد، وحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- .دخل المسجد فصلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء بوضوء واحد، وحديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- .جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بوضوء واحد.
شروط الجمع بين الصلوات بوضوء واحد
لقد اشترط الفقهاء شروطًا للجمع بين الصلوات بوضوء واحد، وهي:
أن تكون الصلوات متتالية
لا يجوز الجمع بين الصلوات المتفرقة بوضوء واحد، فلا يجوز مثلًا الجمع بين صلاة الظهر وصلاة العشاء بوضوء واحد، أو بين صلاة العصر وصلاة الفجر بوضوء واحد.
أن يكون الجمع بسبب
لا يجوز الجمع بين الصلوات بوضوء واحد من غير سبب، فيجوز الجمع فقط بسبب المطر الشديد، أو بسبب السفر، أو بسبب المرض، أو بسبب الخوف من فوت الوقت.
أن يكون الوضوء صحيحًا
لا يجوز الجمع بين الصلوات بوضوء غير صحيح، فلا يجوز مثلًا الجمع بين الصلوات بوضوء لم يسبقه غسل من الجنابة، أو بوضوء لم يسبقه إزالة النجاسة.
حكم الجمع بين الصلوات بوضوء واحد
اتفق الفقهاء على جواز الجمع بين الصلوات بوضوء واحد إذا توفرت الشروط السابقة، وقد اختلفوا في حكمه على أقوال:
الجواز
ذهب الحنفية والمالكية والشافعية إلى جواز الجمع بين الصلوات بوضوء واحد، مستدلين بالأحاديث الواردة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في ذلك.
الاستحباب
ذهب بعض الحنابلة إلى استحباب الجمع بين الصلوات بوضوء واحد، مستدلين بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: “عجبًا لأحدكم ينسى الصلاة، أين وضوؤه؟” (رواه البخاري).
الكراهة
ذهب بعض الحنابلة إلى كراهة الجمع بين الصلوات بوضوء واحد، مستدلين بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: “كل صلاة بوضوء” (رواه مسلم).
أسباب الجمع بين الصلوات بوضوء واحد
لقد ذكر الفقهاء أسبابًا للجمع بين الصلوات بوضوء واحد، وهي:
المطر الشديد
يجوز الجمع بين الصلوات بوضوء واحد بسبب المطر الشديد الذي يمنع من الذهاب إلى المسجد لأداء الصلاة، وقد ورد عن الصحابة -رضي الله عنهم- أنهم كانوا يجمعون بين الصلوات بسبب المطر.
السفر
يجوز الجمع بين الصلوات بوضوء واحد بسبب السفر الطويل الذي يشق معه على المسافر أداء كل صلاة في وقتها، وقد ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يجمع بين الصلوات في السفر.
المرض
يجوز الجمع بين الصلوات بوضوء واحد بسبب المرض الذي يمنع المريض من أداء كل صلاة في وقتها، وقد ورد عن الصحابة -رضي الله عنهم- أنهم كانوا يجمعون بين الصلوات بسبب المرض.
الخوف من فوت الوقت
يجوز الجمع بين الصلوات بوضوء واحد بسبب الخوف من فوت الوقت، وذلك مثل أن يكون المسلم في مكان لا يوجد فيه مسجد، أو أن يكون في مكان لا يوجد فيه ماء للوضوء.
أحكام الجمع بين الصلوات بوضوء واحد
لقد ذكر الفقهاء أحكامًا للجمع بين الصلوات بوضوء واحد، وهي:
جواز الجمع بين الفرائض والنوافل
يجوز الجمع بين الصلوات الفرائض والنوافل بوضوء واحد، فلا حرج مثلًا في الجمع بين صلاة الظهر وصلاة سنة الظهر بوضوء واحد، أو بين صلاة العشاء وصلاة سنة العشاء بوضوء واحد.
بطلان الجمع إذا حدث ما يبطله
إذا حدث ما يبطل الوضوء، مثل خروج الريح، أو مس الفرج، أو النوم، فإن الجمع بين الصلوات بوضوء واحد يبطل، ويجب على المسلم إعادة الوضوء والصلاة.
جواز إعادة الصلاة في وقتها
يجوز للمسلم إعادة الصلاة التي جمعها في وقتها، فلا حرج مثلًا في إعادة صلاة الظهر في وقت الظهر، أو إعادة صلاة العشاء في وقت العشاء.
خاتمة
إن الجمع بين الصلوات بوضوء واحد جائز عند جمهور الفقهاء إذا توفرت الشروط، وهو مستحب عند بعضهم، مكروه عند آخرين، وقد ذكر الفقهاء أسبابًا وأحكامًا للجمع بين الصلوات بوضوء واحد، ومن المهم للمسلم أن يتعلم هذه الأحكام ليعمل بها على الوجه الصحيح.